علاج كسر الفقرات بهشاشة العظام

علاج كسر الفقرات الناجم عن هشاشة العظام

يُعد كسر الفقرات نتيجة هشاشة العظام من المشاكل الصحية التي تؤثر بشكل كبير على نوعية حياة المرضى، حيث يمكن أن يؤدي إلى آلام مزمنة وصعوبة في الحركة والقيام بالأنشطة اليومية. على الرغم من أن هشاشة العظام تعد من الأمراض الصامتة التي قد لا تظهر أعراضها إلا بعد حدوث كسر، إلا أن الوعي المبكر بأسباب هشاشة العظام وكيفية الوقاية منها والعلاج الفعّال للمضاعفات الناتجة عنها يمثل خطوة هامة في تحسين صحة المرضى وتخفيف معاناتهم. من خلال هذا المقال، سنتناول كافة جوانب علاج كسر الفقرات الناجم عن هشاشة العظام من التشخيص إلى العلاج الطبي والجراحي.

ما هي هشاشة العظام؟

هشاشة العظام هي مرض تدريجي يحدث عندما تصبح العظام ضعيفة وهشة بسبب فقدان كثافتها وضعف تركيبها. وعادة ما تكون هشاشة العظام غير مصحوبة بأي أعراض في البداية، إلا أنها قد تؤدي إلى كسور في العظام بسهولة، حتى مع الإصابات البسيطة. من أكثر العظام عرضة للكسر نتيجة لهذا المرض هي عظام الفقرات في العمود الفقري، مما يؤدي إلى تدهور قدرة الجسم على تحمل الأعباء اليومية بشكل طبيعي.

كيف يحدث كسر الفقرات بسبب هشاشة العظام؟

الفقرات هي العظام التي تشكل العمود الفقري، وعندما تتأثر هشاشة العظام بهذه الفقرات، تصبح العظام رقيقة جدًا لدرجة أنها يمكن أن تنكسر نتيجة للضغط البسيط أو الحركات اليومية. يحدث هذا النوع من الكسور عادة في الجزء العلوي من العمود الفقري، مثل الفقرات الصدرية أو الفقرات القطنية السفلى.

عندما تحدث هذه الكسور، قد يصاحبها ألم شديد في الظهر، وفقدان للطول، وانحناء غير طبيعي في العمود الفقري، أو حتى تشوه في وضع الجسم. قد يكون هذا الكسر مؤلمًا جدًا ويؤثر على قدرة المريض على الحركة بشكل طبيعي.

التشخيص

لتشخيص كسر الفقرات الناتج عن هشاشة العظام، يتعين على الطبيب إجراء فحص سريري شامل للمريض، متضمنًا تقييم التاريخ الطبي والأعراض التي يعاني منها. كما قد يحتاج الطبيب إلى إجراء بعض الفحوصات والتصوير الطبي للتأكد من وجود كسر في الفقرات، ومن هذه الفحوصات:

1. الأشعة السينية (X-Ray): تعد الأشعة السينية من أكثر الوسائل المستخدمة للكشف عن الكسور في العظام، بما في ذلك الكسور الصغيرة التي قد تحدث في الفقرات نتيجة لهشاشة العظام.

2. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يمكن أن يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي تفاصيل دقيقة حول حالة الفقرات والأنسجة المحيطة بها، ويمكن أن يساعد في الكشف عن الكسور التي قد لا تظهر بوضوح في الأشعة السينية.

3. التصوير المقطعي المحوسب (CT): يتم استخدامه أحيانًا للحصول على صور دقيقة ثلاثية الأبعاد لتحديد موقع وحجم الكسر في الفقرات.

4. اختبارات كثافة العظام (DEXA): تقيس هذه الفحوصات كثافة العظام في مناطق معينة من الجسم، وتساعد في تشخيص هشاشة العظام بشكل مبكر، مما يساهم في الوقاية من الكسور المستقبلية.

علاج كسر الفقرات بسبب هشاشة العظام

يتطلب علاج كسر الفقرات بسبب هشاشة العظام مزيجًا من التدابير العلاجية التي تركز على تخفيف الألم، تسريع الشفاء، ومنع المزيد من الكسور. يختلف العلاج حسب حالة المريض وشدة الكسر، ويمكن تلخيص خيارات العلاج في الآتي:

1. العلاج الطبي غير الجراحي

• الراحة وتخفيف الضغط: في معظم الحالات، قد يوصي الطبيب بضرورة الراحة والابتعاد عن الأنشطة التي تزيد من الضغط على العمود الفقري. لكن يجب أن تكون هذه الراحة قصيرة المدى حيث أن الراحة الطويلة قد تؤدي إلى ضعف العضلات.

• الأدوية المسكنة للألم: غالبًا ما يُوصى باستخدام مسكنات الألم غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين أو الأسيتامينوفين لتخفيف الألم المرتبط بكسر الفقرات. في بعض الحالات، قد يصف الطبيب مسكنات أقوى أو أدوية مضادة للالتهابات.

• علاج هشاشة العظام: قد يشمل العلاج الأدوية التي تهدف إلى زيادة كثافة العظام ومنع المزيد من الكسور. من بين هذه الأدوية:

  • البايفوسفونيتات (Bisphosphonates): مثل الزاليدرونيك أسيد والبيسفوسفونات، التي تعمل على تقوية العظام وتقلل من خطر الكسور.

  • الهرمونات (مثل الإستروجين أو التستوستيرون): يمكن أن تساعد الهرمونات في تقوية العظام بعد انقطاع الطمث لدى النساء أو في حالات نقص هرمون التستوستيرون لدى الرجال.

  • مكملات الكالسيوم وفيتامين د: تعتبر من العوامل المهمة في تحسين كثافة العظام وزيادة قدرتها على التحمل.

• الجبائر أو المشدات: في بعض الحالات، قد يُنصح بارتداء جهاز تقويم مثل الجبيرة أو المشد الفقري لدعم العمود الفقري وتقليل الألم الناتج عن الكسر.

2. العلاج الجراحي

في الحالات التي لا تُعالج فيها الكسور عن طريق العلاجات الطبية التقليدية، قد يوصي الطبيب بالتدخل الجراحي. تختلف الخيارات الجراحية حسب شدة الكسر وموقعه. من بين الخيارات الجراحية الشائعة:

• الحقن الإسمنتي للعمود الفقري (Vertebroplasty / Kyphoplasty): هذه الإجراءات تهدف إلى حقن مادة إسمنتية في الفقرة المصابة بالكسر لتثبيتها وزيادة قوتها. في بعض الحالات، يتم إجراء عملية لتوسيع الفقرة المكسورة باستخدام بالون قبل حقن الإسمنت.

• الجراحة المفتوحة: في الحالات التي تكون فيها الكسور شديدة أو مع وجود تشوهات كبيرة في العمود الفقري، قد يتطلب الأمر إجراء عملية جراحية لإصلاح العظام المكسورة وتثبيتها باستخدام البراغي أو القضبان الفولاذية.

3. العلاج الطبيعي والتأهيل

بعد فترة العلاج الأولية، قد يحتاج المرضى إلى العلاج الطبيعي للمساعدة في استعادة الحركة والقوة العضلية، وكذلك تقوية عضلات الظهر والرقبة لتحسين استقرار العمود الفقري. يتضمن هذا العلاج:

• تمارين تقوية العضلات: للمساعدة في دعم العمود الفقري وتقليل الضغط عليه.

• تمارين التوازن والمرونة: لتحسين القدرة على الحركة وتجنب السقوط.

• التدليك والعلاج اليدوي: لتخفيف الألم وتحسين مرونة الأنسجة.

الوقاية من هشاشة العظام وكسر الفقرات

إن الوقاية من هشاشة العظام هو المفتاح لتجنب الإصابة بكسر الفقرات. يمكن للعديد من العوامل أن تسهم في تحسين صحة العظام، مثل:

1. الحفاظ على نظام غذائي متوازن: يساهم تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د في تعزيز صحة العظام.

2. النشاط البدني: ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم تساعد على تقوية العظام والعضلات، وتزيد من كثافة العظام.

3. التوقف عن التدخين: التدخين يؤثر سلبًا على صحة العظام ويزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

4. التقليل من تناول الكحول: الإفراط في شرب الكحول يمكن أن يضعف العظام ويزيد من خطر الكسر.

5. المكملات الغذائية: قد يوصي الأطباء بتناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د، خاصة للنساء بعد انقطاع الطمث أو الأفراد المعرضين لخطر هشاشة العظام.

خلاصة

كسر الفقرات نتيجة هشاشة العظام هو مشكلة صحية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة. ومع ذلك، فإن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يسهم في الحد من الأضرار وتخفيف الألم. يتضمن العلاج مزيجًا من العلاجات الطبية، الجراحية، والعلاج الطبيعي لضمان الشفاء التام والوقاية من الكسور المستقبلية.